فصل: مسألة النزاع في إقامة حائط منهدم بين جارين:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة



.مسألة وجود أكثر من شاهد بنفس الإسم والصفة:

وسئل عن القاضي يكتب إلى القاضي في رجل بصفته واسمه ونسبه في حق عليه، فيجد القاضي رجلين أو ثلاثة في ذلك البلد أسماؤهم وصفاتهم متفقة، أيختار صاحب الكتاب ويأخذ من ذكر أنه منهم أم ماذا يصنع فيه؟ فقال: لا يختار صاحب الكتاب أحدا منهم، ولا يكون له شيء حتى يثبت أنه أحدهم، أو لا يكون في ذلك البلد أحد غيره كذلك، فحينئذ يستوجبه عليه حقه، إلا أن تكون له حجة.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال وهو مما لا اختلاف فيه أنه إذا وجد بالبلد رجلين أو ثلاثة على تلك الصفة أنه لا يصدق في الذي يدعي منهم إلا أن يثبت ذلك؛ واختلف إن سأل من الذي يدعى عليه منهم أنه هو حميلا حتى يأتي بالبينة. فقيل: إنه لا يعدي عليه بحميل. وهو قول ابن القاسم في المدونة. وقيل: إنه يعدي عليه إن لم يؤمن غيبته، ولم يكن من أهل الوفر والملإ، وهو قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ، وإذا وجد بالبلد رجل واحد على تلك الصفة كشف القاضي على الأمر، فإن لم يوجد بالبلد على تلك الصفة غيره أعداه عليه، وإن وجد به سواه لم يكن له على واحد منهما سبيل إلا أن يثبت على أحدهما أنه هو، وإن ترك القاضي ما يؤمر به من الكشف عن ذلك، فقيل: إنه لا يؤخذ بالحق حتى يثبت الطالب أنه ليس بالبلد من هو على تلك الصفة سواه، وهو دليل قول ابن وهب في سماع زونان، والشهادة في هذا لا تكون إلا على العلم، وقيل: إنه يؤخذ به إلا أن يثبت هو أن بالبلد من هو على تلك الصفة، وهو ظاهر قول أشهب في سماع زونان بعد هذا، ورواية عيسى عن ابن القاسم في المدونة وسيأتي هناك بقية الكلام على المسألة إن شاء الله.

.مسألة استحلاف صاحب الحق حين خروجه أو توكيله:

وسئل عن الرجل يثبت حقا له عند القاضي على رجل غائب ويريد الخروج في ذلك أو يوكل، أيستحلفه؟ قال: يستحلفه في الوجهين جميعا خرج أو وكل أنه ما اقتضى ولا أحال ولا قبضه بوجه من الوجوه، ثم يكتب له بوكالته إن وكل ويثبت عنده. وقاله أصبغ بن الفرج عن ابن القاسم.
قال القاضي رَحِمَهُ اللَّهُ قد قيل: إنه ليس على الإمام أن يستحلفه في الوجهين جميعا خرج أو وكل، ويكتب له دون يمين؛ لأنه يقول للإمام لا تحلفني فلعله لا يدعي علي أنه قضى لي منه شيئا، وهو ظاهر ما في رسم حمل صبيا من سماع عيسى من كتاب البضائع والوكالات، وما في نوازل أصبغ منه، فإن كتب لوكيله على هذا القول دون أن يستخلفه فقدم عليه، فادعى أنه قد دفع إليه جميع الدين أو بعضه، فإن كانت غيبته قريبة على مسيرة اليومين ونحوهما أخر حتى يكتب إليه فيحلف، وإن كانت غيبته بعيدة لم يؤخر، وقضى عليه بالدين، ولم يؤخر إلى لقاء صاحبه، وهو نص قول محمد بن عبد الحكم، ومعنى قول ابن القاسم في سماع عيسى من كتاب البضائع والوكالات، وقول أصبغ في نوازله منه، وعلى ما في نوازل عيسى من كتاب البضائع والوكالات في الذي يوكل الرجل على طلب عبد له في بلدة أخرى فيقيم عليه البينة أنه للذي وكله أن الإمام لا يقضي له به حتى يحلف الموكل أنه ما باع، ولا وهب، فإن كان قريبا أمر أن يأتي به حتى يحلف، وإن كان بعيدا كتب إلى إمام بلده الذي ثبت عنده توكيله، وأمره أن يحلفه، فإذا أتاه جواب كتابه بأنه قد حلفه قضى به لوكيله، لا يقضي للوكيل بالدين حتى يكتب إليه فيحلف في موضعه الذي هو فيه. وقد ذهب بعض المتأخرين إلى التفرقة بين المسألتين بأن قال: إن اليمين في مسألة العبد من تمام الشهادة فهي يمين يوجبها الحكم فلا يقضى له بالعبد إلا بعد اليمين، وفي مسألة الدين ليس اليمين من تمام الشهادة ولا مما يوجبها الحكم، وإنما تجب بدعوى الغريم القضاء، فيقال له: أد الدين إلى الوكيل واستحلف صاحبك، إذ الغيبة بدعواك. وذهب ابن أبي زيد إلى حمل المسألتين بعضهما على بعض، وهو بين من مذهب أصبغ؛ لأن ابن حبيب حكى عنه في الواضحة في مسألة العبد أنه يقضى به للوكيل في غيبة الموكل إذا كانت بعيدة، ولا يحبس عنه من أجل اليمين. فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال: أحدها أنه يقضى للوكيل في المسألتين جميعا ولا يؤخر القضاء له بسبب اليمين. والثاني أنه لا يقضي له في المسألتين جميعا حتى يكتب إليه فيحلف. والثالث الفرق بين مسألة العبد، ومسألة الدين؛ وفي المسألة قول رابع أن الوكيل يحلف على العلم وحينئذ يقضي له، قاله ابن كنانة في المجموعة، وابن القاسم في المدونة وهذا كله في الغيبة البعيدة، وأما الغيبة القريبة فلا اختلاف في أنه لا يقضى له إلا بعد يمينه في المسألتين جميعا هذا تحصيل القول عندي في هذه المسألة وبالله التوفيق.

.مسألة كتاب القاضي كتابا لصاحب الحق:

وسئل عن الرجل يثبت حقه عند القاضي، أيعطيه كتابا إلى أي قضاة الآفاق كان ولا يسمى فيه أحدا، لا قاضيا بعينيه ولا بلدا بعينه؟ قال: نعم، وأرى ذلك يجوز إذا أثبت البينة عند القاضي الذي دفع إليه الكتاب أنه كتاب القاضي الذي بعث به وكتبه، مثل الرجل يطالب غريمه ولا يدري بأي الآفاق هو أو أين يلقاه، أو العبد الآبق وما أشبه ذلك، وقاله أصبغ عن ابن القاسم.
قال محمد بن رشد: هذا كما قال، وهو مما لا اختلاف فيه أنه إذا لم يدر حيث هو غريمه الذي أثبت دينه قبله، أو حيث يجد عبده الآبق فإن الإمام يكتب له دون تسمية، يقول في كتابه: كتابي إلى من ورد عليه كتابي هذا من القضاة والحكام بأي بلد كان من البلدان، فيكون حقا على كل من ورد عليه ذلك الكتاب من القضاة أن يقضي به وحمله دون خلاف، كما لا اختلاف أيضا أنه إذا كتب له إلى قاضي موضع فوجد ذلك القاضي قد مات أو عزل وولى غيره مكانه أنه يجب له إنفاذ ذلك الكتاب والعمل به. واختلف إذا كتب له إلى قاضي بلد بعينه وهو يظن غريمه بذلك البلد فألفاه بغير ذلك البلد، ورفع ذلك الكتاب إلى قاضي ذلك البلد، وهو غير القاضي المكتوب إليه. فروى أصبغ عن ابن القاسم أنه لا ينظر له فيه، وقال أصبغ: إنما معنى ذلك أنه لا يعرف بذلك البلد، ولو أثبت المدعي بينة في ذلك البلد أنه الرجل الذي حكم عليه القاضي الكاتب أنفذه هذا.
قال محمد بن رشد: والمعنى الذي ذهب إليه أصبغ أن من تمام الصفة أن يقول فيه الساكن ببلد كذا، أو الملتزم في صناعته كذا، فلا يوجد بذلك البلد، وفي تلك الصناعة بتلك الصفة والنسبة والتسمية سواه فيلزمه، فإذا رفع الكتاب إلى قاض بغير ذلك البلد لم يدر لعل صاحبه في بلد المكتوب إليه، فوجب ألا يحكم له على من وافقت صفته من أهل بلده الصفة المذكورة في الكتاب حتى يثبت عنده أنه هو بعينه، وهو معنى صحيح، والظاهر من مذهب ابن القاسم أنه لا ينظر له بحال؛ لأن الذي كتب إليه الكتاب حتى يثبته عنده ويخاطبه به وبالله التوفيق.

.كتاب الأقضية الثاني:

.مسألة كرم بين أشراك تساقطت حيطانه فدعا بعضهم إلى إصلاحه وكره بعضهم:

من سماع يحيى بن يحيى من كتاب الكبش قال يحيى: سألت ابن القاسم عن كرم بين أشراك تساقطت حيطانه فخافوا عليه الفساد فدعا بعضهم بعضا إلى العمل وإصلاح ما تساقط من حدوده وكره بعضهم. فقال: إن كان لكل رجل منهم حصة معروفة إلا أن الغلق كان واحدا فانهدم، فإن العمل لا يلزم من كرهه، ويقال لمن خاف الفساد وأحب العمل: إن شئت فحصن كرمك ودع ما ليس لك، وإن شئت فدع. ولا يجبر الكاره للعمل على شيء بحصته، قال: وإن كان مشاعا غير مقسوم فإنه يقال لهم إذا اختلفوا في إصلاحه ومرمة حيطانه اقتسموا ويجبروا على الاقتسام إذا دعا إلى ذلك بعضهم، ثم شأن كل واحد منهم وحصته ليحصنها أو ليدع، قلت له: فإن كان انهدم الحائط وهو مشاع، وفي الكرم ثمرة تمنعهم من الاقتسام وترك إصلاح الحيطان ذهاب للثمرة وفساد للكرم، ما الأمر فيه؟ قال: إن كانت الثمرة قد طابت قيل له: حصن معهم أو بع حصتك من الثمرة ممن يحصن، فإن كانت الثمرة لم تطب، قيل لهم: إن شئتم فحصنوا وتكونوا أملك بحظه من الثمرة حتى تستوفوا من ذلك ما أنفقتم، فإن كان ما أنفقوا أكثر من ثمن الثمرة لم يكن لهم عليه شيء سوى الثمرة.
قال محمد بن رشد: هذا بين على ما قال، إنه إن كانت حصة كل واحد منهم معروفة فلا يلزم العمل من كرهه، إذ لا ضرر في ذلك على سواه، لقدرته على تحصين حصته، وإنه إن كان مشاعا ينقسم ولم تكن فيه ثمرة تمنعهم من الاقتسام أجبروا على الاقتسام، وكان كل رجل منهم بالخيار في حصته، إن شاء حصنها، وإن شاء تركها. وأما إذا كان في الحائط ثمرة تمنعهم من الاقتسام ففي قوله: إن كانت الثمرة قد طابت قيل له: حصن معهم أو بع حظك من الثمرة ممن يحصن نظر؛ لأن الظاهر من قوله: إنه لا يلزمه أكثر من أن يبيع حظه من الثمرة في التحصين، أو يسلمها إليهم، وقد لا يكون في ثمن حظه من الثمرة ما ينوبه من نفقة التحصين. والقياس إذا لم يف حظه من الثمرة بما يلزمه في التحصين أن يقال له: لابد لك من أن تحصن مع أشراكك أو تبيع حظك من الأصل والثمرة ممن يحصن معهم، فإن لم يف حظه من الأصل والثمرة بما يلزمه من التحصين لم يلزمه أكثر من أن يسلم إليهم أصل الحائط بثمرته فيما يلزمه من التحصين معهم. وكذلك قوله: إن الثمرة إذا لم تطب يقال لهم: إن شئتم حصنوا وتكونوا أملك بحظه من الثمرة إلى آخر قوله: الظاهر منه أنه إذا أبى أن يحصن معهم لم يلزمه ذلك، ولم يكن عليه أكثر من أن يسلم إليهم حظه من الثمرة فيكونوا أملك بها حتى يستوفوا منها نفقتهم، فإن لم يف ثمن الثمرة بالنفقة لم يكن عليه شيء سوى ذلك، وهو على قياس قوله: إذا طابت الثمرة من أنه لم يلزمه في التحصين أكثر منها، والقياس إذا لم تطب الثمرة أن يقال له: إما أن تحصن معهم، وإما أن تبيع حظك من الأصل والثمرة ممن يحصن معهم، وكذلك قال في أول سماع ابن القاسم من كتاب السداد والأنهار في الحائط يكون بين القوم فينهار ماؤه وفيه زرع وشجر مثمر فيمنعهم من الاقتسام أن من أبى أن يعمل يجبر على ما أحب أو كره أن يعمل أو يبيع ممن يعمل، فهو خلاف لرواية يحيى هذه، وقد اختلف إذا أبى أن يعمل هل يجبر على أن يبيع ممن يعمل، أو لا يجبر على ذلك؟ فقيل: إنه يجبر على ذلك، ويباع عليه من حظه بقدر ما يلزمه من العمل فيما بقي من حقه بعدما بيع عليه منه، وهو قول مالك في رسم الصلاة من سماع يحيى بعد هذا، ودليل ما في كتاب القسمة من المدونة. وقيل: إنه يجبر على ذلك، وهو قول ابن القاسم في سماع يحيى من كتاب السداد والأنهار، خلاف قول يحيى فيه، من رأيه أنه لا يباع عليه. وأصح القولين في القياس أنه لا يجبر على ذلك، وعليه ينبغي أن يتأول ما في سماع ابن القاسم من كتاب السداد والأنهار، فيقال قوله فيه يجبر على ما أحب أو كره أن يبيع ذلك ممن يعمل معهم، معناه أنه يجبر على العمل إلا أن يبيع ذلك ممن يعمل، يريد فإن أبى من الوجهين جميعها، ولا مال له بيع عليه من حظه بقدر ما يجب عليه في العمل بغير شرط، فإن أبى المبتاع أيضا من العمل حكم بما حكم على البائع، وهو قول سحنون: إن البيع على الشرط إنما جاز على وجه الضرورة إذا لم يكن للبائع مال، وليس قوله ببين، إذ لا ضرورة تدعو إلى ذلك؛ لأنه يقدر على أن يباع عليه من حظه دون شرط بقدر ما يلزمه من الإنفاق في عمل ما بقي عليه من نصيبه وبالله التوفيق.

.مسألة امرأة وإخوتها ورثوا عن أبيهم منزلا فباع أحد إخوتها المنزل كله:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن امرأة وإخوتها ورثوا عن أبيهم منزلا فباع أحد إخوتها المنزل كله وهو غير وصي فباع ذلك على إخوته وأخواته وتعدى عليهم، فأقام المنزل في يد مشتريه زمانا، أو مات مشتريه وبقي المنزل في يدي ورثته، وأخت البائع يوم باع المنزل أخوها بكر فتزوجت بعد، وأقامت بعد تزويجها زمانا، أو هي يوم باع أخوها متزوجة والمنزل في جوارها أو على أميال يسيرة، الثلاثة ونحوها، فادعت حقها من المنزل بعد عشر سنين أو خمس عشرة سنة أو أكثر من ذلك، وزعمت أنها لم تعلم ببيع حظها، أو أقرت أنها علمت بالبيع ولم تجد من يتوكل لها بطلب حقها، أو ادعت أن زوجها ممن لم يكن يدخل على عياله أحد لشرفه وشدة غيرته، وهو ممن لا يتوكل مثله على طلب حقوق امرأته، ولا يلتفت إلى ما ضاع من حقوقها وأموالها، أترى أن تعذر في طلب حقها في نصيبها؟ قال: أما التي ادعت وهي بكر أو غير بكر أنها لا علم لها أن حقها بيع، فإنها تحلف على ما ادعت من الجهالة ببيع حقها إذا جاءت بأمر يستدل به على صدق قولها، ثم تكون أحق بنصيبها، إلا أن يأتي المشتري بالبينة على علمها بيع أخيها حظها، ويطول سكوتها على طلب حقها زمانا طويلا، وهي قادرة على الطلب والتوكيل ليست في حجاب يمنعها من اتخاذ وكيل يطلب لها، ولا ممنوعة من الخروج أو الإرسال إلى من أحبت، فإن كانت بهذه الحال وطال تركها لطلب حقها فلا شيء لها، إلا أن يكون سكوتها زمانا يسيرا. قلت: أترى العشر سنين ونحوها التي لا عذر لها طويلا؟ قال: نعم، لا عذر لها. قال: وأما الذي ذكرت من شرف زوجها وشدة حجابه وتهاونه بالنظر لها، فإن بلغ من شأن زوجها ما يتبين به للناظر في أمرها عذرها نظر لها وإن طال الزمان، فلا يضرها أن تكون عالمة ببيع أخيها إذا كان الزوج يبلغ من حجابه ما ذكرت واعتذرت به وكان بذلك معروفا.
قال القاضي: قوله في هذه الرواية: أما التي ادعت وهي بكر أو غير بكر أنها لا علم لها أن حقها بيع فإنها تحلف على ما ادعت من الجهالة، كلام وقع على غير تحصيل والله أعلم؛ لأن البكر لا يمين عليها أنها لم تعلم، إذ لو أقرت أنها علمت لم يلزمها ذلك عند ابن القاسم، فإنما أراد أن البكر وغير البكر سواء في أن البيع لا يلزمها إلا في وجوب اليمين عليها، وإنما تستوي البكر وغير البكر في وجوب اليمين عليها على مذهب سحنون الذي يرى أفعال البكر اليتيمة جائزة عليها ولازمة لها. وقوله: إذا جاءت بأمر يستدل به على صدق قولها. كلام ليس على ظاهره ومعناه إذا لم تأت بأمر يستدل به على كذبها؛ لأنها محمولة على غير العلم حتى يثبت عليها العلم. وقد روى أشهب عن مالك في كتاب الاستحقاق في التي باع عليها زوجها وأبوها دارها فأقامت أربعة عشر عاما ترى الدار بيد المشتري يهدم ويبني، ثم قامت فقالت: لم أعلم بالبيع، وظننت أنه كان اكتراها، إن القول قولها في ذلك مع يمينها. وقوله: إلا أن يأتي المشتري بالبينة على علمها ببيع أخيها حظها وبطول سكوتها عن طلب حقها الزمان الطويل وهي قادرة على الطلب، معناه إذا علمت بالبيع بعد أن وقع، فلم تقم حين علمت حتى طال الأمر دون عذر يمنعها من القيام، وقال في العشرة الأعوام: إنها طول يبطل قيامها في الدار لما سأله عن ذلك، فلا دليل في ذلك على أن ما دون العشرة الأعوام ليس بطول؛ لأن الكلام إنما خرج على السؤال، فبطل بذلك الدليل، والعام في مثل هذا طول. روي ذلك عن أصبغ في نحو هذه المسألة، وقد ذهب بعض الشيوخ إلى أن الشهر والشهرين في هذا طول، وإذا طال الأمر العام ونحوه لزمها البيع، وكان لها الثمن على أخيها البائع، ولو ادعى أخوها البائع أن الدار داره، قد كانت خلصت له بقسمة وما أشبه ذلك لم يصدق في ذلك إلا أن تسكت بعد علمها بالبيع مدة تكون فيها الحيازة أقلها عشرة أعوام، ولو كان أخوها قد باع الدار وهي حاضرة ساكتة، فلما فرغ من البيع أنكرت وقالت: إنما سكت لأني علمت أن ذلك لا يلزمني، كان القول في ذلك قولها مع يمينها على معنى مسألة كتاب النكاح الأول من المدونة، ولو سكتت بعد البيع حتى انقضى المجلس ثم قالت بعد ذلك في مجلس آخر أو بعد يوم أو يومين لم أرض بالبيع، لم يكن لها في ذلك قول، ولزمها البيع، وكان لها الثمن. ولو ادعى أخوها البائع أن الدار له انفرد بها دونها بمقاسمة أو بيع لم يصدق في ذلك، إلا أن يطول الأمر، والطول في هذه السنة ونحوها، بخلاف التي لم تشاهد الصفقة، وإنما أعلمت بالبيع بعد وقوعه، هذا إن ادعى البائع أن الدار له لم يصدق في ذلك، إلا إن سكتت عن القيام إلى مقدار ما تكون فيه الحيازة من المدة على ما ذكرناه، فهذا تحصيل القول في هذه المسألة وبالله التوفيق.

.مسألة الرجل يرفع للسلطان أن حقا لقوم غيب في دار ونحوها:

قال يحيى: وسألت ابن القاسم عن الرجل يرفع إلى السلطان أن حقا لقوم غيب من قرابته أو غيرهم في دار، أو في أرض، أو في غير ذلك بأيدي قوم يخاف على ذلك الحق الهلاك لتقادمه في أيديهم، وطول مغيب أهله عنه، ويخاف موت من علم ذلك قبله، أو نسيانهم لطول الزمان، هل يجوز للسلطان أن يوكله على الغيب فيقوم لهم باستحقاق حقوقهم، وإحيائه لهم، والخصومة عنهم؟ قال: أما الخصومة عنهم ومواضعة الحجج فلا أرى أن يوكل على ذلك وكيلا يقوم به عن الغائب، وذلك أنه إذا قضى للذي ادعى الحق قبله على هذا الذي وكله السلطان عن الغائب لم يلزم ذلك الغائب إذا قدم، وكان له أن يخاصم في حقه ويبتدئ له النظر في طلبه، فإذا كان ما يقع على الوكيل لا يلزم الغائب فيما له وعليه، فلا ينبغي للقاضي أن يشخص هذا الذي الحق في يديه فيطول عناؤه، ويطول اختلافه، فإذا قضى عليه فلعل الغيب أن يقروا بخلاف ما طلب هذا لهم، وإن قضى له ثم جاء الغيب لم ينتفع هذا بالقضاء له، وعاد في خصومة مبتدأة. قال: ولكن إن كان الذي رفع مثل هذا إلى السلطان خاف هلاك هذا الحق بموت الشهود أو نسيانهم لطول الزمان فلا بأس أن يأذن له السلطان ويأمره أن يأتي بأولئك الشهود فيسمع منهم ويوقع شهادتهم، فإن كانوا عدولا أشهد القاضي رجالا أنه قد أجاز شهادتهم وقبلها لعدالتهم عنده، ويطبع على الكتاب الذي أوقع فيه شهادتهم، ويشهد العدول أنه كتابه وأنهم عدول عنده، يجيز شهادتهم، فإن جاء الغائب يوما ما أو وكيله فخاصم عنده وقد مات الشهود فاحتاج إلى علمهم اكتفى بالذي كانوا شهدوا به عنده فقطع الحق بهم، وإن جاء الغائب أو وكيله يوما لطلب ذلك الحق، وقد مات القاضي أو عزل، أو مات الشهداء كان حقا على القاضي الذي خلف مكانه إذا جاء الغائب أو وكيله بالكتاب الذي كتب القاضي الأول فيه شهادة الذين شهدوا عنده على إثبات حق الغيب، فأثبتوا عند القاضي الثاني أنه كتاب الماضي الأول بعينه وأن القاضي الأول قد أجاز شهادتهم ورضي عدالتهم، أجاز ذلك القاضي الثاني، ولم يسألهم تعديلهم، واكتفى بالذي كان ثبت عند الأول، وأشهد به للغيب، ثم أجاز شهادتهم. قال أصبغ بن الفرج: وإن رأى القاضي الأول إذا صحت هذه الأشياء عنده للغيب شهادة قاطعة وأمورا ثابتة، ولم يكن للحاضر فيها حجة ولا مدفع أن يوقفها عنه أوقفها.
قال محمد بن رشد: هذه مسألة قد مضى الكلام عليها مستوفى موعبا محصلا في رسم الأقضية الثالث من سماع أشهب فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق.

.مسألة أيستأنف النظر فيما حكم فيه القاضي المعزول:

ومن كتاب الصبرة:
وسألته عن القاضي يعزل لسوء حال يظهر منه أو يموت، وقد كان معروفا بالجور في أحكامه، أيستأنف النظر فيما كان حكم به؟ فقال: نعم، ولا يحل لأحد من القضاة أن ينفذ له حكما إذا كان من غير أهل العدل، قلت: وكيف يكشف القاضي الذي ولي بعده أحكامه؟ أيتصفح قراءة ما كان سجل به للناس، وأشهد لهم عليه مما كان حكم به لهم؟ أم يقال للخصماء: استأنفوا الخصومة؟ فقال: إذا كان من غير أهل العدل، وخيف أن يكون كان يقبل من الشهداء غير العدول، أو يجور في أحكامه أو ما أشبه هذا، نقضت أحكامه، وأمر الخصوم باستئناف الخصام، وذلك أن القاضي إذا كان جائرا فإنه لا يكاد يكتب للناس كتب أقضيته لهم إلا صحيحة الظاهر، مستقيمة الحكم، قال: ولكن إذا كان القاضي ممن لا يتهم بتعمد الجور، ولا تجويز شهادة غير العدول وهو مجتهد في العدل، غير أنه جاهل بالسنن، تارك للاستشارة لأهل العلم يحكم باستحسانه، ويقطع الأحكام برأيه، فهذا الذي يتصفح أحكامه ويقرأ ما أشهد للناس عليه في سجلاته لهم، فإن كانت صوابا في ظاهرها أنفذت للذي أمن جوره وعرف من صلاح حاله، وإن كان منها خلاف كتاب الله، أو سنة ماضية غير مختلف فيها فسخ ذلك من أحكامه للذي عرف منه من الجهالة، وحكم به بخلاف السنة، وإن كان الذي حكم به أمرا قد اختلف فيه أهل العلم حمل من ذلك ما يحمل للذي جاء فيه من الاختلاف إذا كان أخذ بأحد الأقاويل، ولم يرد مثل هذا من أحكامه.
قال القاضي: هذا كما قال إن القاضي المعلوم بالجور في أحكامه تنقض أحكامه كلها، ويؤمر الخصمان باستئناف الخصام، وإن كانت مستقيمة في ظاهرها، إلا أن يثبت في شيء منها أنها كانت صحيحة مستقيمة في الباطن حسبما هي عليه في الظاهر، وإن القاضي العدل الذي لا يتهم بتعمد الجور إلا أنه جاهل، يحكم برأيه دون مشورة أهل العلم تتصفح أحكامه، فما كان منها صوابا في ظاهرها، أو خطأ قد اختلف فيه أنفذت، وما كان منها خطأ لم يختلف فيه نقضت، وذلك أن القضاة ثلاثة: قاض لا تتصفح أحكامه ولا ينظر فيها إلا على وجه التجويز لها إن احتيج إلى النظر إليها لعارض يعرض من وجه خصومة أو اختلاف في حد لا على وجه الكشف عنها والتعقب لها إن سأل ذلك المحكوم عليه فتنفذ كلها، إلا أن يظهر في شيء منها عند النظر إليها على الوجه الجائز أنه خطأ ظاهر لم يختلف فيه، فيرد ذلك من حكمه، وهو القاضي العدل العالم. وقاض لا تتصفح أحكامه، وترد كلها، وإن كانت مستقيمة في ظاهرها إلا أن يثبت صحة باطنها، وهو القاضي الجائر. وقاض تتصفح أحكامه كلها فما كان منها صوابا أو خطأ فيه اختلاف نفذت، وما كان منها خطأ لا اختلاف فيه ردت، وهو القاضي العدل الجاهل، ويختلف في أحكام القضاة الذين لا ترضى أحوالهم ولا تجوز شهادتهم إذا لم يعلموا بالجور في أحكامهم، وفي أحكام أهل البدع والأهواء، فحكم لها ابن القاسم ومطرف وابن الماجشون بحكم القاضي الجائر في أنها تفسخ كلها، ولا يمضي منها إلا ما علم صحة باطنه بالبينة العدلة، وحكم لها أصبغ بحكم القاضي العدل الجاهل في أنها تتصفح فينفذ منها ما كان صحيحا في الظاهر. وحكى الفضل عن ابن الماجشون أن القاضي الجائر تتصفح أحكامه كالقاضي الجاهل، وهو شذوذ وبالله التوفيق.

.مسألة أيجوز لقاضي الجماعة الأعلى أن ينفذ أحكام القاضي غير العدل:

قلت: أرأيت القاضي يوليه الأمير في بعض الكور، وهو غير عدل ولا رضا، ولا يؤمن جَوْره ولا جهله، أيجوز لقاضي الجماعة الذي هو فوقه أن ينفذ أحكامه، ويرد إليه من أراد الخصومة عنده من أهل الكورة؟ قال: لا أرى أن يدفع إليه خصما، ولا يكتب إليه في تعديل شاهد، ولا يمضي له حكما، ولا أراه في سعة من ذلك.
قال محمد بن رشد: هذا بيّن على ما قال، وهو مما لا اختلاف فيه؛ لأن من لم يكن من أهل العدل والرضا، فلا يؤتمن في شيء من الأشياء؛ لقول الله تعالى: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282]، وبالله التوفيق.

.مسألة النزاع في إقامة حائط منهدم بين جارين:

ومن كتاب الصلاة:
وسئل عن حائط لرجل يكون فاصلا ما بينه وبين جاره فينهدم، فيقول صاحبه: ما أنا محتاج إلى الاستتار به ولا رفعه، ويقول جاره: اردده كما كان، فإنه سترة فيما بيني وبينك. قال: سمعت مالكا يقول: إن كان هو الذي هدمه، وهو قوي على رده بحاله، وإنما يترك عمله للضرر بجاره، فعليه عمله، وإن كان انهدم وهو على عمله قوي فكذلك أيضا، وإن هدمه أو انهدم، فضعف عن رفعه عذر، وقيل لجاره: استر على نفسك وضع جدراك في حظك ودارك، أو اترك.
قال محمد بن رشد: ساوى في هذه الرواية بين أن ينهدم أو يهدمه لوجه منفعة، في أنه إنما يجبر على إعادته إذا كان له مال، وذلك خلاف لما مضى في رسم إن خرجت، من سماع عيسى، وقد مضى هناك تحصيل القول في ذلك، فلا معنى لإعادته، وبالله التوفيق.

.مسألة البيت يكون بين الرجلين ينهدم أو البير تكون بين حائطين فتنهدم:

قيل له: فالبيت يكون بين الرجلين ينهدم، أو البير تكون بين حائطين فتنهدم قال: قال لي مالك: أما البيت وما أشبه ذلك، فإن كان مما ينقسم اقتسماه فبنى من شاء، وترك من كره، وإن كان مما لا ينقسم مثل البير وما أشبهها، فإنه يقال للذي لا يريد العمل: إما أن تعمل مع شريكك، وإما أن تقاومه، أو تبيع ممن يعمل، وإلا بعنا عليك من حقك بقدر ما ينفق في عمل ما بقي من حقك، ولا يمنع شريكك من الانتفاع بحظه ضررا منك له وتضييقا عليه.
قال محمد بن رشد: قوله: إنه يقال لمن أبى العمل إذا كان لا ينقسم إما أن تعمل مع شريكك، وإما أن تقاومه أو تبيع ممن يعمل، وإلا بعنا عليك يبين أنه لا يحكم عليه بالبيع، كما لا يحكم بالمقاومة على من أباها منهما، وأن الذي يوجبه الحكم إذا لم يتفقا على المقاومة، وأبى هو البيع أن يباع عليه من حظه بقدر ما ينفق في عمل ما بقي منه، وهو صحيح في المعنى، على معنى ما في كتاب القسمة من المدونة، خلاف ما في رسم الكبش، من سماع يحيى، من كتاب السداد والأنهار، وقد مضى القول على هذا قبل هذا في أول مسألة من هذا السماع، فلا معنى لإعادته.
وقول مالك في هذه الرواية: أما البيت وما أشبهه فإن كان مما يقسم اقتسماه، فيبني من شاء، ويترك من كره، ينحو إلى مذهب ابن القاسم في المدونة أن البيت لا ينقسم إلا أن يكون في نصيب كل واحد من الشركاء بقدر ما ينتفع به، خلاف قول مالك فيها، وبالله التوفيق.

.مسألة القاضي يحكم للرجل فيستأني في الحوز بالقضاء حتى يموت القاضي أو يعزل:

ومن كتاب المكاتب:
وسألته عن القاضي يحكم للرجل، ويسجل له بذلك، ويشهد له به عدول، فيستأني في الحوز بالقضاء حتى يموت القاضي أو يعزل، فقال: القضاء له جائز تام، ولا يضره إلا أن يكون قبض. قلت له: ذو العذر عندك فيما أخر من حيازة ما قضى له به، ومن لا عذر له سواء. قال: نعم، لا يقطع حقه تأخير الحوز، ولا موت القاضي الحاكم له، ولا عزله. قلت: أرأيت إن مات المقضي له قبل أن يحوز ما قضى له به أيكون ورثته بمنزلته؟ قال: نعم، قلت: وإن مات المقضي عليه قبل أن يقبض الحق منه، أو يؤخذ من ورثته، وقد طال ترك المقضي له ذلك الحق في يد المقضي عليه، قال: نعم، ليس في موت واحد منهما، ولا موت القاضي، ولا عزله قطع لحق المقضي له، إلا أن يكون تركا طويلا جدا حتى يكون كقبض ما يستحق بالتقادم وما أشبه ذلك. قلت له: وما طول ذلك؟ قال: قدر ما يخشى أن يكون من يعرف ذلك الحق قد هلك، أو ينسى لطول زمنه.
قال القاضي: قوله: إن حكم القاضي لا يفتقر إلى حيازة، وإنه إذا قضى، وأشهد لرجل بالقضاء، فلم يمض ولا حاز حتى مات أو عزل أن حقه لا يبطل بموت القاضي ولا عزله، صحيح لا اختلاف فيه، وقد مضى هذا المعنى في رسم نذر سنة، من سماع ابن القاسم، ورسم أسلم من سماع عيسى، وكذلك قوله: إن المقضي عليه لا ينتفع بحيازة ما قضى به عليه السنين الكثيرة التي تكون بها الحيازة قام عليه المقضي له في حياته أو ورثته بعد وفاته، إلا أن يطول ذلك جدا؛ صحيح لا اختلاف فيه؛ لأن الحيازة لا ينتفع الحائز بها إلا أن يجهل أصل دخوله فيها، وأما إذا علم أن أصل دخوله فيها كان على وجه ما، من غصب أو عارية أو إسكان أو إرفاق أو إمساك ما حكم عليه به، فهو محمول على ذلك لا ينتفع في طول حيازته له، إلا أن يطول زمان ذلك جدا، ولم يحد في هذه الرواية في ذلك حدا، إلا أنه قال: قدر ما يخشى أن يكون من يعرف ذلك الحق قد هلك، أو نسي لطول زمنه، فقد يتأول في هذا أن الطول عشرون عاما على ما وقع في سماع عيسى، من كتاب القسمة أن في عشرين سنة يبيد الشهود، وحد ابن حبيب فيه الخمسين سنة، وحكاه عن مطرف وأصبغ، ويأتي على مذهب ابن الماجشون في إجازة شهادة السماع أن الطول في ذلك خمسة عشر عاما، وهذا عندي إذا ادعى بعد هذا الطول أنه قد صار إليه بعد الحكم عليه بوجه كذا، لوجه يذكره مما يصح به انتقال الأملاك، وأما أن يكون طول مقامه بيده يحق له ملكه دون أن يدعى تصييره إليه ملكا فلا.
والبيع والهبة والإصداق، والصدقة والبناء والغرس على ما حكى ابن حبيب، ومطرف، وابن الماجشون، وأصبغ كالطول في ذلك. واختلف إذا مات المقضي عليه، وأورث ذلك ورثته، فلم يقم عليهم المقضي له السنين الكثيرة، فقيل: إنهم في ذلك عليه سواء، لا شيء لهم إلا أن يطول زمانه في أيديهم، أو يحدثوا فيه بيعا أو صدقة أو إصداقا، قال ابن الماجشون: لو قسمه، في أحد قوليه، والمقضي له حاضر، فيدعوه ملكا لهم بوجه حق غير الوراثة، ويحتجوا عليه بالحيازة، فيكون لهم، وهو قول ابن الماجشون، وأصبغ، ومذهب ابن القاسم فيما حكى عنه ابن عبدوس، ودليل قوله في هذه الرواية، وقيل: إنهم في ذلك بخلاف المقضي عليه، ويستحقونه على المقضي له بحيازتهم إياه بحضرته مدة الحيازة، وبالله التوفيق.